الصين.. الهند.. كوريا الجنوبية الأسواق الجديدة.. في عالم السياحة
بقلم : مـصطـفي النجـار
* السوق الصينية.. والسوق الهندية.. هما سوقان واعدتان وتمثلان أكبر تجمع سكاني في العالم حيث تصلان معا الي37% من جملة سكان العالم.. والصين والهند لايتجهان الي النمو الاقتصادي السريع فحسب.. ولا يملكان أيضا أكبر سوق استهلاكية تجتذب المستثمرين فحسب, بل انهما يتجهان ايضا الي ان يقودا النمو في سوق السفر والسياحة خلال السنوات العشر القادمة.. فالدولتان تنموان ديمجرافيا كما ان عملية تكوين الثروات بهما قد بدأت تأخذ دورا نشيطا, كذلك فإن عمليات التحرر الاقتصادي في الدولتين مازالت في بداياتها.. كما ان حياة الناس تغيرت كثيرا خاصة في المدن.. ففي الصين تضاعف دخل الفرد ثلاث مرات في جيل واحد وفي نهاية الحقبة الحالية فإن من المتوقع ان يصل متوسط دخل الفرد الي2800 دولار.. وهذا يعتبر أداء جيدا مقارنة بألف دولار منذ3 سنوات مضت وبهذا التطور الاقتصادي فليس من المستغرب ان نحو300 مليون صيني قد انتشلوا من الفقر المدقع خلال السنوات الثلاثين الماضية.
* ولابد ان نقول ان كلا من الصين والهند سوقان متباينتان وكل منهما ذات شخصية مختلفة.. وفي الصين علي سبيل المثال نحو180 مليون عائلة في المدن متوسط أفرادها نحو2,98 شخص لكل عائلة.. بينما في الهند هناك نحو58 مليون عائلة في المدن, متوسط أفراد العائلة فيها5,33 شخصا.
الصين... الأولي في آسيا
* وفي الصين تنتعش العائلات التي بدون أطفال.. باختيارها.. مع سياسة الطفل الواحد التي تتبناها الحكومة.. فماذا يعني هذا.. يعني ان الأجيال الجديدة في العائلات الصينية علي امتداد الساحل الشرقي للصين سيكون لديها وقت ومال كافيان للتركيز علي مكونات الارتقاء والرفاهية الشخصية.. ومن هنا أيضا فإن التسوق لهذه المنطقة سوف يحتاج الي اعادة توصيف أساليب التسويق المعتادة الحالية.
* وقد فاقت الصين, اليابان, لتصبح الأولي في آسيا في عام2002 في السياحة الخارجة منها, واستمرت في الزيادة منذ ذلك العام لتحقق نحو43% من جملة المنطقة أي بما يعادل28,9 مليون سائح صيني في عام2004 ويقدر عام2005 بزيادة10% لتحقق31.7 مليون سائح.
* ولابد أن نحلل هذه الأرقام بعناية لأن أكثر من75% من جملة هذه الرحلات كانت الي كل من هونج كونج, ومكاو, وهي الأقاليم الصينية ذات الادارة الخاصة, وبالتالي فإنها ليست رحلات دولية علي الإطلاق.. وهذا يبقي لنا نحو6,1 مليون رحلة أو6,9 مليون رحلة في عام2005.. بل إن بعض الدراسات الدولية تقول إن الرقم الحقيقي للرحلات الدولية من الصين هو أقرب الي4 ملايين رحلة.
* ويجذب جنوب شرق آسيا غالبية الطلب الي السفر خارج الصين علي الرغم من ان الدول الخمس الأولي في رغبات الصينيين في السفر الي الخارج تضم دولتين خارج الاقليم, وهذه الدول الخمسة بالترتيب هي: اليابان, روسيا, كوريا الجنوبية, تايلاند, الولايات المتحدة.
وباستثناء تايلاند فإن جزءا مهما من هذه الرحلات الي هذه الدول هو من أجل رجال الأعمال أو الدراسة أو المهمات الرسمية. كما ان معظم التدفق الي روسيا هو عبور المناطق الروسية الواقعة في جنوب شرق اسيا.
* أما منطقة الباسيفيكي فإنها تجتذب نصيبا متواضعا من رحلات الصينيين.. وتأتي استراليا علي مقدمة رغبات السياح الصينيين من بكين وشنغهاي طبقا لدراسة جرت في عام2003.. فنحو32% من جملة راغبي السفر في بكين كانوا راغبين في السفر الي استراليا, يليهم27% الي فرنسا و21% الي الولايات المتحدة.. أما في شنغهاي فقد ارتفع موقع استراليا في رغبات السائحين منها من الموقع الخامس بنسبة19% الي موقع متساو مع فرنسا في عام2003 بنسبة28%.
* وقد كانت الصين السوق الأسرع نموا لاستراليا في عام2002 وعلي الرغم من أنها حققت بعض النقص في عام2003 إلا انها استعادت قوتها في عامي2004 و2005, وكان هذا نتيجة لما استثمرته هيئة السياحة الاسترالية في الصين من انفاق علي الدعاية لاستراليا, الي جانب الصبر والدبلوماسية في التعامل مع السلطات الصينية.
ونقطة الجذب الرئيسية في السوق الصينية بالنسبة لاستراليا, أنها توفر خليطا بين رجال الأعمال والسياحة, ولهذا فإن السوق الصينية تعتبر مهمة جدا لاستراليا من ناحية الحركة السياحية ومن ناحية القيمة الاقتصادية.
* أما السوق الهندية فإنها تبدو سوقا أو صفقة جيدة تستحق العناء.. وقد بدأ الأوروبيون يعيدون التفكير في استراتيجياتهم نحو الصين, ويوجهون المزيد من الاستثمارات نحو الهند.. وهناك عدة أسباب ترجح الهند علي الصين كسوق كبيرة تنمو علي مدي أقصر من الصين.
* وعلي أي حال فإن النمو الاقتصادي في الهند وكذلك الاتجاهات الاجتماعية والديموجرافية ملحوظة بشكل أكثر من الصين.. بينما الصين لديها أكبر عدد من مشتركي التليفونات الخلوية( المحمولة) نحو350 مليون شخص, فإن معدل نمو هذه التليفونات أسرع في الهند, وعدد هذه التليفونات قفز من5.6 مليون تليفون في عام2000 إلي60 مليونا الآن, أي أكثر من عشرة أضعاف في خمس سنوات... والرقم يزداد بمعدل مليوني تليفون شهريا.
*وقد ادت سياسة تحرير الطيران والسماوات المفتوحة في الهند إلي زيادة ملموسة في الاستثمارات المتجهة إلي الهند.. كما أن قوة العمل الشابة بها وكذلك زياداتها السكانية الكبيرة ستساعدانها علي اللحاق بالصين في نموها الاقتصادي.
* كما أن الصين كدولة مقيدة بنظم سياسة, ومحكومة السوق, علي الرغم من تحرير السفر إلي الخرج, فإن الهنود بالفعل احرار في السفر إلي أي مكان متي يرغبون في ذلك ومهما كانت رغبتهم.
وبالإضافة إلي هذا ومقارنة بالصينيين فان الهنود لديهم مستوي أعلي من الخبرة بالسفر, كذلك فإنهم يتحدثون الانجليزية... وقد أظهرت أسواق السياحة الهندية بالفعل علاقات النضج حيث بدأ السفر المتكرر والتحرك إلي الاسواق الصغيرة.
* وهذا يجعل الهنود المسافرين للخارج من أجل متعة السفر صفقة مربحة... وقد بدأ كثير من هيئات السياحة في بلدان عديدة حول العالم, يأتي إلي الهند ليتعرف علي إمكانات هذه السوق, التي يعتبر افرادها من اكثر السياح انفاقا, مثلهم في ذلك مثل الصين وروسيا..
فالسائح الهندي العادي ينفق في زيارته إلي بلد مثل سنغافورة نحو ألف وخمسمائة دولار بالنسبة للفرد في رحلة مدتها5 ـ7 أيام... ومن أجل هذا نري أن سنغافورة شكلت جهازا خاصا لتنمية السياحة الوافدة إليها من الهند...* وعلي الرغم من أن الهنود يسافرون في محيطهم كثيرا وتحصل آسيا علي أكبر نصيب من سفرياتهم, فإن أوروبا مازالت خيارا مهما مفضلا لديهم, حيث حصلت علي نحو17% من جملة من سافروا في عام2004 وهم6.8 مليون شخص.. وأرقام2005 تشير إلي نمو سنوي يتراوح مابين15% ـ20% في الخمس والعشر سنوات المقبلة.
* وقد بدأت الهند تأخذ نصيبا كبيرا من اهتمام منظمي الرحلات العالميين, مثل كارلسون الامريكية وتوي الألمانية وقد اشترت كوني السويسرية شركات سياحة هندية وبدأت تعمل بجد في هذه السوق منذ عام1999 كذلك فان توماس كوك الهند لها صلات قوية بالشركة الألمانية الأم التي تحمل نفس الاسم وكذلك باقي الشركات العالمية مثل كوكس, وكنجر دخلت إلي الهند منذ سنوات... وكان احدث اتفاق مشترك وقع منذ فترة بين توي ولو باساج.
* من الأسواق الواعدة الجديدة سوق كوريا الجنوبية العظمي في سوق السياحة... فالعام الجديد.. ربما يكون عام كوريا.. فهذه السوق قد دخلت الآن علي شاشات مراصد هيئات السياحة العالمية.. وقد تجاوز سياح كوريا لاول مرة10 ملايين سائح في عام2005 محققا معدل نمو سنوي وصل إلي14.2%.
* وتعتبر اسواق كل من الصين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية هي الاسواق المحببة للكوريين وقد قفز عدد السياح في شهري يوليو وأغسطس الماضيين إلي أكثر من مليون سائح لكل شهر... وهذان الشهران هما قمة موسم السياحة الخارجية من كوريا.
* وتشير الارقام التي نشرتها هيئة السياحة الكورية وكذلك منظمة الباتا إلي أن73% من الكوريين يفضلون السفر إلي آسيا, يليها الأمريكتان8% ثم أوروبا6% ثم الباسيفيكي4.5%. وبالنسبة لاوروبا, فإن ألمانيا والمملكة المتحدة كانتا أول وثاني مقصد سياحي للكوريين من اجل متعة السفر كما أن نحو52% من السياح الكوريين في عمر الاربعين أو اقل ومن بينهم29% تحت سن الثلاثين.. اما السياح الكوريون فوق سن الاربعين فيصل عددهم إلي9% من اجمالي السياح الكوريين.
* وقد جاءت معجزة السياحة الكورية بعد الاصلاح الدراماتيكي والمؤلم عقب الانكماش المالي في عام1998/97 وبمرور الوقت ازدادت القدرة الانفاقية للكوريين, وبدأوا يفكرون في انفاقها في رحلاتها الخارجية واصبحت الرغبة في السفر إلي الخارج احد معالم ومكونات الحياة الاسرية الكورية..